حكمة اليوم

قرأنا لك

الخطوات الثمانية لتصميم برامج تدريبية فعالة - عبد الرحمن محمد المحمدي... المزيد

قائمة المراسلة
الاسم
البريد
الجوال

مشاهدة : 2106

هذه حكاية أربعة مصريين صنعوا المجد في مثل هذا الشهر من‏35‏ سنة‏!‏

 

الأهرام:خارج دائرة الضوء: ونحن نستعيد الانتماء


 



هذه حكاية أربعة مصريين صنعوا المجد في مثل هذا الشهر من‏35‏ سنة‏!‏

بقلم ‏:‏ إبـراهيــــم حجـــــازي
11 فبراير 2005



هذا الأسبوع الكلام فيه مختلف عن كل أسبوع‏!‏
أعرض علي حضراتكم اليوم حكاية من‏35‏ سنة لأربعة شبان مصريين من مدينة الإسكندرية وحكايتهم لامثيل لها ولا في الأساطير‏!‏

حكايتهم أضعها أمام شبـــاب اليوم لأجــــــل أن يتـــعرف علــــي نفسه الغائبة عنه‏!‏

إنها حكاية حقيقية وقعت وعندنا مثلها مئات الحكايات التي لم تجد من يكتبها ويسجلها ويسترجعها للشباب‏..‏ ولهذا‏!‏

كتبت اليوم عنها وفي الغد ـ إن شاء الله ـ أكتب عن غيرها بهدف التصدي للطوفان الذي يستهدف شبابنا‏!‏

**‏ الانتماء سيبقي قضيتي التي أتناولها أسبوعيا لأنه لامعني للحديث في الرياضة وغير الرياضة والانتماء كامن أو غير موجود أصلا‏..‏ وبتوضيح أكثر أي إصلاح وتقدم ننتظره في الرياضة وأطرافها لايعرفون شيئا عن الانتماء؟‏.‏

ودعوني أعترف لحضراتكم بأنني اكتشفت خلال تعرضي لكارثة الفيديو كليب وتأثيرها الضار الهائل علي الشباب‏..‏ اكتشفت أن التركيز علي فضح الممارسات السلبية التي نتعرض لها لن يحل القضية ولابد أن تكون هناك حملة أخري موازية تتناول الإيجابيات الموجودة في تاريخنا وحياتنا والكتابة فيها وعنها ليتعرف عليها الشباب الذي لايعرفها أو نسترجعها في عقول وقلوب من يعرفونها ونسوها‏..‏ ولذلك‏!‏

رحت أبحث في دفتر أحوال المحروسة عن الانتماء والتضحية والبطولات والمجد‏..‏ رحت أبحث عن بطولات نادرة صنعها أبطال مصريون لأضعها أمام الشباب قدوة ومثلا وحافزا ضد اليأس وحافزا لاستثارة انتماء كامن داخله لم يحاول أحد أن يوقظه‏!.‏ وبالفعل وضعت يدي علي أول بطولة واخترتها من حيث موعدها لكي أنشرها يوم الجمعة الماضي‏(4‏ فبراير‏)‏ لأنه يواكب اليوم السابق لهذه الملحمة الفدائية التي حدثت في‏5‏ فبراير‏1970..‏ إلا أن النزلة الشعبية التي ضربتني كان لها رأي آخر وجعلتني ألازم الفراش ليتأخر النشر‏..‏ نشر الحدوتة المصرية الجميلة إلي اليوم‏11‏ فبراير‏..‏ تعالوا نسمع أول حكاية‏..‏ حكاية عمرو البتانوني ورامي عبد العزيز وعلي أبو ريشة وفتحي محمد علي‏..‏ أسماء صنعت المجد ولا أحد يعرفها‏!.‏

الزمن أواخر عام‏1969‏ وأوائل سنة‏1970..‏ ووقتها كثرت حوادث البلطجة الصهيونية علي الحدود المصرية البعيدة عن مسرح العمليات في منطقة القناة‏..‏ وكان طبيعيا أن يحدث ذلك لأن إعادة بناء القوات المسلحة المصرية لم يكتمل والمقارنة صارخة وظالمة بين دولة مخازن سلاح الغرب مفتوحة أمامها جوا وبرا وبحرا وأخري تحصل علي السلاح الدفاعي بالعافية وما عندها لايكفي لحماية سمائها وحدودها المترامية ولهذا السبب وقعت أحداث كثيرة متفرقة في منطقة البحر الأحمر أهمها سرقة رادار من الزعفرانة وضرب قناة إسنا وإغارات علي مواقع مختلفة في هذه المنطقة وكلها تمت من خلال عمليات إنزال بحري لمعدات وكوماندوز بواسطة قطعتين بحريتين رصدهما الاستطلاع المصري‏..‏ الأولي ناقلة مدرعات برمائية اسمها‏'‏ بيت شفع‏'‏ والثانية سفينة إنزال للكوماندوز واسمها‏'‏ باتيام‏'‏ والقطعتان تتحركان في حماية الطيران الإسرائيلي‏.‏

أمام هذه العربدة صدرت الأوامر بضرورة نسف السفينتين وبدأت عمليات التدريب علي المهمة لتكون في إيلات والاستطلاع لرصد تحركات السفينتين‏..‏ وجاءت اللحظة المناسبة عندما رصدت قواتنا تمركزا للسفينتين بميناء إيلات سوف يستمر أربعة أيام لإجراء عمليات إصلاح‏..‏ وعلي ضوء هذه المعلومات صدر الأمر للضفادع المصرية البشرية بإغراق السفينتين في ميناء إيلات‏.‏

الموقف في ميناء إيلات‏..‏ خوف وحذر من هجوم فدائي مصري لكنه من وجهة نظرهم مستبعد تماما لأن دخول إيلات في ظل هذه الاستحكامات مثل الدخول إلي الجحيم‏!‏

تعالوا نر الموقف داخل قواتنا‏.‏ تنافس هائل بين الكوماندوز المصريين لأجل نيل شرف القيام بهذه العملية التي يعلم كل مقاتل مصري أن الخارج منها مولود‏..‏ ومع ذلك يتنافسون علي مدي شهور في تدريب بالغ القسوة لأجل شرف الاختيار للعملية المرتقبة‏!‏

تنافس هائل وصعب وشاق ومرير لأجل القيام بعملية فدائية الله وحده الأعلم بنهايتها‏..‏ إنه تنافس لفداء وطن بأرواح والروح هي أغلي مايملكون لكنها لا شيء أمام مصلحة الوطن وتلك قيمة الانتماء والفداء‏!‏

الصراع الهائل بين الأبطال المصريين رجال الضفادع البشرية حسمه اللواء محمود عبد الرحمن فهمي قائد القوات البحرية وقتها وهو رجل عظيم ومقاتل قدير‏..‏ حسم الصراع لمصلحة أربعة رجال‏..‏ الملازم أول عمرو البتانوني والرقيب علي أبو ريشة‏(‏ المجموعة الأولي‏)‏ والملازم أول رامي عبد العزيز والرقيب فتحي محمد علي‏(‏ المجموعة الثانية‏).‏

الرجال الأربعة حملوا معهم أربعة ألغام بحرية ومعداتهم واستقلوا طائرة أليوشن من مطار حربي بالإسكندرية إلي آخر حربي عراقي علي الحدود الأردنية‏..‏ وتجاوزوا الحدود الأردنية متوجهين إلي عمان‏(800‏ كيلو متر‏)‏ ومنها تحركوا في المساء إلي العقبة‏..‏ ونزلوا مياه خليج العقبة في الثامنة والنصف مساء الخميس‏5‏ فبراير‏1970.‏ المجموعة الأولي هدفها‏'‏ بيت شفع‏'‏ والثانية‏'‏ باتيام‏'..‏ وبدأت المهمة التي كانت حتمية لنا لأجل أن يعرف الصهاينة أنهم ليسوا وحدهم في المنطقة وأننا أحياء ولم نمت وأننا خسرنا معركة لكننا لم نخسر أنفسنا أو رجولتنا وأننا قادرون علي الدفاع عن أرضنا‏..‏ باختصار مهمة حياة أو موت لنا‏!‏

الرجال الأربعة نزلوا مياه العقبة وفي رءوسهم كل هذه الاعتبارات‏..‏ ومعهم تعليمات لتدمير السفينتين في إيلات وفي داخلهم قناعة تامة بأن الشيء الوحيد الذي يحول دون إتمامهم هذه المهمة الفدائية هو أن يستشهدوا قبلها خلاف ذلك سينفذون المهمة مادامت قلوبهم تنبض‏!‏

بدأ العد التنازلي مع أول ضربة في الماء لبدء السباحة تجاه ميناء إيلات‏..‏ الظلام حالك وفي مثل هذه العمليات الظلام مطلوب لأنه ستر وحماية بصرف النظر عن أنه رعب يعشش في مجهول‏!.‏ الظلام يطبق من كل جهة علي مياه العقبة الأبرد من طقسها البارد أصلا في مثل هذا الوقت من السنة‏..‏ لكن لا ظلام ولا طقس بارد ولا صمت مطبق ولا أي شيء في الدنيا بإمكانه أن ينال من ثقة الرجال الأربعة في أنفسهم وفي عدالة قضيتهم وفي إصرارهم علي تنفيذ المهمة التي عاشوا أشهر تدريب صعبة‏.‏ ثبت لهم وهم في الماء أن الذهاب إلي إيلات أسهل كثيرا من التدريبات الشاقة‏!‏

الرجال الأربعة يبذلون كل قوتهم في السباحة للحفاظ علي التوقيتات وكل تركيزهم في اختراق جدار الظلام حتي لايقعوا في أي كمين عائم وكل سمعهم لالتقاط أي صوت من أي جهة ربما يشكل خطرا علي مهمتهم‏!.‏ الأبطال الأربعة يدركون أنهم يؤدون مهمة لاتقبل القسمة أو الجمع والطرح‏..‏ ومهمتهم تدمير سفينة إنزال الكوماندوز وحاملة المدرعات البرمائية والقطعتان بالنسبة لنا ليستا مجرد سفينتين حربيتين إنما هما في الواقع يمثلان ثأرا يمس شرفنا وكرامتنا ومصريتنا‏.‏ الضفادع البشرية المصرية الأربعة يدركون أن الذين يعرفون مهمتهم الفدائية يعدون علي أصابع اليد الواحدة ومع ذلك الرجال الأربعة واثقون من أنهم في مهمة مجد وشرف بالإنابة عن ملايين الشعب المصري الذي لايعرف شيئا عن معاناتهم الرهيبة في التدريب ومهمتهم الفدائية التي تتطلب شجاعة هائلة لايقدم عليها إلا من لديه انتماء لاسقف له لوطن‏!‏

الأبطال الأربعة يواصلون السباحة تجاه إيلات إلي أن اقتربوا من الهدف وهذا وضح لهم من الموجود في الأعماق من شباك والمتحرك فوق الماء من دوريات لقوارب خاصة مهمتها تفجير عبوات ناسفة في الأعماق لاصطياد أي ضفادع بشرية ومن طلعات الهليكوبتر التي تطلق طلقات كاشفة في السماء تبدد الظلام علي وجه المياه‏..‏

الساعة تقترب من منتصف الليل وهذا التوقيت يعني أنهم أصبحوا علي قرابة الكيلو متر من إيلات وتلك نقطة تجمع للأبطال الأربعة ومراجعة نهائية لخطة التدمير واختبار أخير للمعدات وبعدها يكون الفراق‏..‏ المجموعة الأولي البتانوني وأبو ريشة مهمتها تدمير‏'‏ بيت شفع‏'‏ والثانية رامي عبد العزيز وفتحي محمد علي ولهما‏'‏ باتيام‏'..‏ وقبل أن يفترق الأبطال ظهرت مفاجأة لم تكن علي البال‏!‏

الرقيب فتحي محمد علي فوجئ بأن اسطوانة الأوكسجين الخاصة به فارغة وهذا معناه أنه لن يستطيع الغوص ولم يستغرق الأمر وقتا‏..‏ قائد المجموعة الثانية قرر أن يكمل المهمة منفردا ويعود زميله عائما إلي النقطة التي نزلوا فيها المياه بالعقبة‏..‏ وبدأ الجزء الأخير من المهمة الخارقة‏..‏ وغطس الأبطال الثلاثة وقدرهم أن يبقوا تحت الماء ذهابا وتعاملا مع الأهداف وعودة إلي نفس المكان‏!‏

الفدائيون الثلاثة البتانوني وريشة ورامي يعرفون جيدا أن كل سنتيمتر يقطعونه تحت الماء من مسافة الكيلو متر الباقية علي الهدف‏..‏ كل سنتيمتر يمثل لهم شيئا لأن الدفاعات فيما تبقي كثيفة وعليهم أن يضعوا عيونهم وسط رءوسهم‏!.‏ فجأة يجدون أنفسهم أمام ساتر من الشباك والنجاح هنا أن يكتشفوا الشباك قبل الوقوع فيها وتلك حكاية لأن الرؤية تقريبا معدومة تحت الماء‏..‏ المهم أنهم وفقوا في اكتشاف الشباك وغطسوا إلي أن عبروا من تحتها‏!.‏ التقدم مستمر والهدف يقترب ويقترب إلي أن أصبح واضحا تماما‏..‏ نعم‏..‏ إنها‏'‏ بيت شفع‏'‏ التي يعرفون شكلها جيدا من تحت الماء وكيف لايعرفونه وقد حفظوا كل بوصة في قاع هذه الناقلة من الصور الموجودة والتي نجحت المخابرات المصرية في الحصول عليها‏!.‏ عمرو البتانوني وعلي ريشة يقتربان من ناقلة البرمائيات‏'‏ بيت شفع‏'‏ الرابضة علي رصيف إيلات في هدوء وطمأنينة جعلها تنام إلي رصيف الميناء وهي واثقة من أنها في أمان‏..‏ وإلي جوارها ناقلة الكوماندوز الأشد ثقة من نفسها ولماذا لاتثق وهي التي أغارت مع زميلتها‏'‏ بيت شفع‏'‏ علي حدود مصرية ولم يوقفهما أحد وهما علي أراض مصرية فمن يجرؤ علي الاقتراب منهما وهما في بيتهما ومعقلهما ميناء إيلات؟‏.‏

الفدائيون الثلاثة تحت الهدفين‏..‏ والملازم أول رامي عبد العزيز دخل علي هدفه بمفرده وتلك أول عملية ضفادع بشرية في العالم لتلغيم ونسف هدف ينفذها فرد بمفرده وليس اثنان‏..‏ لكنها الشجاعة المصرية وقدرات المصريين والإيمان بوطن والتصميم علي رد الاعتبار والأخذ بالثأر‏!.‏ في الوقت المحدد تم التلغيم‏.‏ لغمان لبيت شفع ولغم‏'‏ لباتيام‏'..‏ والتفجير بعد ساعتين وليس بعد أربع كما كانت الخطة‏..‏ والتبكير ساعتين تم بإصرار من الأبطال رغم أنه يمثل خطورة عليهم‏..‏ لكنهم أرادوا أن يطمئنوا علي نجاح العملية وهم في أقرب مسافة منها ربما ليستمدوا قوة علي قوتهم عندما يرون بعيونهم إيلات الميناء وقد تحول إلي جحيم‏!‏

وبدأت رحلة العودة والحذر فيها مطلوب أكثر وأكثر والقلق يتزايد بل يتضاعف مع كل لحظة تمر خشية وقوع شيء يفسد كل شيء‏!.‏ الأبطال الثلاثة يعودون من حيث أتوا والوقت يبدو وكأنه توقف أو أنه يسترق لحظات نوم في الثلث الأخير من الليل‏!.‏ هذه شباك مطلوب الغوص من تحتها وهذا قارب صوت موتوره واضح ولابد أن يبتعدوا قدر الإمكان عنه أما هذه المياه الباردة التي تزداد برودة فتبدو وكأنها ثلج سائل‏!‏

انتهت رحلة الغوص تحت الماء بعد ابتعاد الأبطال عن إيلات ليصعدوا إلي سطح الماء ويواصلوا السباحة بكل مايملكون من قوة لأن كل متر يبتعدون فيه عن إيلات له ثمنه‏!.‏ الوقت يقترب من لحظة الصفر التي هي نهاية الساعتين والفدائيون الثلاثة عيونهم وقلوبهم وعقولهم مع كل ثانية تمر‏..‏ يتعجلون الثواني لكي تأتي اللحظة التي ينتظرونها من شهور طويلة‏!.‏ المشاعر متداخلة وقلق هائل من كل حاجة وأي حاجة‏!.‏ كل واحد من الثلاثة مرعوب من أن يكون قد حدث سهو أو خطأ في تثبيت اللغم أو ضبط جهاز التفجير‏!.‏ خوف هائل مشروع ووارد في مثل هذه الأمور من أن تفشل المهمة لسبب هم لايجدونه في فكرهم لكنه يؤرق أذهانهم‏!.‏ خوف آخر من أن يكون للصهاينة إجراء دفاعي وقائي بفحص قاع السفينتين كل ليلة‏..‏ وهذا أمر مفروض أن يتم لكن الغرور والغطرسة من جهة والاستهانة بالمصريين من أخري أعمت بصيرة الصهاينة عن القيام بهذا الإجراء‏!.‏ الوقت يقترب ولحظة الصفر علي بعد ثوان فقط‏..‏ وفجأة‏!.‏

انفجر اللغم المثبت في قاع سفينة الكوماندوز‏'‏ باتيام‏'‏ لتتحول في لحظة إلي أشلاء تطايرت في الهواء وما تبقي منها لا يصنع قارب صيد بمجداف واحد‏!.‏ وقبل أن يفيقوا من قوة الانفجار الذي حول سفينة الكوماندوز إلي تاريخ فوجئوا بناقلة البرمائيات وقد تناثرت أحشاؤها في الهواء وعلي سطح الماء بانفجارين للغمين بهما ومعهما تحول ميناء إيلات إلي جحيم و‏'‏بيت شفع‏'‏ إلي بح‏!‏

وأطفأ الجبل الذي يحتضن إيلات أنواره ودوت صفارات الإنذار وانطلقت الهليكوبترات هائجة في السماء وانتشرت القوارب علي سطح الماء‏..‏ الكل يبحث عن الضفادع البشرية المصريين‏!‏

المتبقي حوالي الـ‏90‏ دقيقة ويصلون إلي نقطة الخروج من الماء‏..‏ الرجال يسبحون ويغطسون وهم عائدون وليس عندهم مايخافون منه فالمهمة تحققت والرسالة وصلت واستشهادهم لن يغير شيئا‏!‏

وعادوا بسلامة الله إلي النقطة المحددة وخرجوا من الماء وفور خروجهم جري أول اتصال لهم مع القيادة‏..‏ وكان لهم مطلب واحد‏:‏ أن يعود عمرو البتانوني مرة أخري باللغم الرابع الذي لم يستخدم ويلغم به المتبقي في ميناء إيلات‏..‏ علي اعتبار أن الصهاينة لن يتوقعوا أي هجوم آخر‏!.‏ وجاء الرد بالرفض وبدأت رحلة العودة وحدث ماحدث فيها والمهم أن الأبطال الأربعة عادوا إلي مصر‏..‏ بعد أن صنعوا مجدا لايوصف وشرفا لاسقف له‏!‏

الذي حدث في ليلة الجمعة‏5‏ فبراير‏1970‏ ملحمة فداء وشجاعة ووطنية وولاء وانتماء قام بها أربعة أبطال مصريون هم نبت أرض مصر الطيبة ونبتها لم ولن يتوقف والذي يحدث أنه تعرض ويتعرض لهجمات شرسة لأجل محو هوية هذا النبت‏!‏

هذه الشجاعة الهائلة واحدة من مئات الأعمال البطولية الفذة التي قام بها أبطال مصريون وكلها تعكس حقيقة واحدة أننا شعب عظيم لايقبل أن تدهس ذرة تراب واحدة من أرضه ولايعرف المستحيل ومقومات إمكاناته هائلة وداخل صدوره شجاعة نادرة وكل هذه المقومات هي التي صنعت انتصار أكتوبر‏1973‏ رغم الفارق الهائل في التسليح كما وكيفا بيننا وبينهم وتلك النقطة تحديدا أثبت المصريون من خلالها للعالم كله أن العبرة ليست في السلاح وإنما فيمن يحملون السلاح‏!.‏ وأيضا تلك النقطة هي الهدف الجاري حاليا ضربه وتحطيمه في الشباب المصري والذي يحدث في الفيديو كليب جزء من هذا التحطيم‏!‏

الشجاعة النادرة التي قام بها أبطال الضفادع البشرية المصريون الأربعة هي قصة حدثت وقصدت أن أستدعيها إلي الذاكرة في نفس شهر فبراير الذي وقعت فيه لأضعها أمام شبابنا ليعرف كل شاب منها أنه كان يمكن أن يكون واحدا من الأربعة لو كان موجودا في هذه الفترة وأن هذه الشجاعة بالتأكيد موجودة داخله اليوم لكنها كامنة مثلما الانتماء كامن والمهم أن يعرف هذه الحقيقة‏!‏

أريد أن يعرف شبابنا ماذا قال موشي ديان وهو واحد من صقور الصهيونية بعد نجاح مهمة الضفادع البشرية المصرية في اقتحام إيلات وترك رسالة مصرية لهم بتفجير قطعتين بحريتين حربيتين في قلب إيلات‏!.‏ ديان قال‏:'‏ نحن لم نقصر في إجراءات الدفاع عن إيلات ومن نفذوا هذه العملية إما أنهم مجانين أو أنهم يملكون شجاعة لا أعرفها‏'!‏

هذا ما قاله ديان وهو صادق فيما قاله لأنه لا هو ولا غيره يمكن أن يعرفوا ويقدروا حجم شجاعة من يقاتلون دفاعا عن شرفهم وكيانهم وأرضهم‏!..‏ أما حاييم بارليف وهو صقر آخر فقد قال‏:'‏ هذا أول انتصار عسكري للمصريين‏..‏ داخل إسرائيل‏'!‏
أرجو ألا يفهم كلامي علي أنه دعوة لحرب أو رفض لسلام أو إثارة لعداء‏!‏

كلامي رسالة لمن سقطت مصريتهم تحت أقدامهم وهم يهرولون ليقدموا أنفسهم للقادمين من الخارج بحثا عن مصلحة خاصة‏!‏

كلامي هدفه استرجاع لأعمال اتسمت بالشجاعة والانتماء والولاء ليتعرف عليها شبابنا ليعرف‏..‏ أن في داخله كل هذه الصفات وهو لايعرف وكيف يعرف وكل مايسمعه ويقرؤه ويشاهده الآن أعمال منزوع منها الانتماء ومغمور فيها الهلس‏!‏

الشعوب التي ليس لها تاريخ ولايوجد عندها ماتفخر به‏..‏ اختلقت بنفسها لنفسها حكايات وروايات قالتها وكررتها إلي أن صدقتها وتوارثتها الأجيال علي أنها بطولات حقيقية لأجل استثارة النخوة والفداء في الحاضر من بطولات وأمجاد الأجداد التي هي في الواقع لم تحدث‏..‏ ولذلك‏!‏

قررت مع نفسي أن تبقي قضية الانتماء مطروحة وألا يكون تناولي لها بالحديث عن السلبيات التي تضرب الانتماء والهوية والوطنية إنما أيضا الحديث عن إيجابيات صنعها الانتماء وهذه الإيجابيات أو البطولات موجودة وتشهد عليها عشرات بل مئات الأعمال الشجاعة الفذة التي قام بها مصريون وحق شبابنا علينا أن يعرفها وأن نسترجعها معه‏..‏ وكانت موقعة إيلات حكايتنا الأولي لأنها وقعت في مثل هذا الشهر قبل‏35‏ سنة‏.‏

تحية للأبطال الأربعة عمرو البتانوني ورامي عبد العزيز وعلي أبو ريشة وفتحي محمد علي‏..‏ وللعلم أبطالنا الأربعة أحياء بيننا وثلاثة منهم‏..‏ البتانوني ورامي وأبو ريشة يعيشون في الثغر ويابخت الإسكندرية بهم ويكفيها أنها المدينة التي نبت علي أرضها أسطورة الشجاعة هذه‏!‏

في الحقيقة كنت أتمني نشر هذه الحكاية يوم الجمعة الماضي‏4‏ فبراير‏..‏ كي أطلب من حضراتكم أن تهنئوا الأبطال الأربعة بعيد ميلادهم الحقيقي الذي هو يوم‏5‏ فبراير‏1970‏ باعتباره اليوم الذي ولدوا فيه من جديد‏.‏

علي أي حال الفرصة قائمة‏..‏ وأستأذن شبابنا من كل محافظة أن يبادر بإرسال برقيات تهنئة للأبطال الأربعة علي نادي سبورتنج بالإسكندرية الذي ينتمي إليه البتانوني ورامي‏..‏ يهنئونهم بالذكري الـ‏35‏ ليوم خروجهم إلي إيلات الذي هو بكل المقاييس يوم عظيم سجل للتاريخ ملحمة شجاعة وفداء لايقدر عليه إلا المصريون‏!‏

أنتظر من شبابنا أن يفعل ذلك‏..‏ وأظن أن إرسال برقية لأبطال ملحمة الشجاعة هذه‏..‏ أهم من البرقيات التي ترسل للفضائيات‏!.‏ أما شباب الإسكندرية عموما وسبورتنج تحديدا‏..‏ فأنا أتوقع منهم مفاجأة‏!.‏
تحية للرجال‏..‏ رجال القوات المسلحة‏..‏ في الأمس واليوم والغد وكل غد‏.‏
وللحديث بقية مادام في العمر بقية

   
أضف تعليق
الاسم
البريد
عنوان التعليق
التعليق
أدخل حاصل جمع