أثر دخول متاجر السوبر ماركت العالمية على المنافسة في السوق المصرية : مراجعة استراتيجية لرصد الواقع واستشراف المستقبل |
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
أثر دخول متاجر السوبر ماركت العالمية على المنافسة في السوق المصرية مراجعة استراتيجية لرصد الواقع واستشراف المستقبل أ.د. محمد المحمدي الماضي أستاذ إدارة الاستراتيجية ورئيس قسم إدارة الأعمال الأسبق كلية التجارة جامعة القاهرة أكتوبر 2019
مقدمة : سوف أحاول- بإذن الله تعالى- في هذه المراجعة الاستراتيجية الكلية إلقاء الضوء على مجريات ما يحدث من منافسة في سوق التجارة الداخلية، في مجال المواد الغذائية، والتجزئة عموما ، أو في مجال السوبر ماركت على وجه الخصوص، وذلك منذ بدايات القرن الواحد والعشرين حتى الأن. والهدف من وراء ذلك هو محاولة لفهم مجريات ما يحدث، وما يمكن أن يؤثر به على واحدة من أهم الصناعات في اقتصاد أي دولة، ألا وهي التجارة الداخلية، والتي غالبا ما تتحكم في هيكل هذه الصناعة، وخاصة المنافسين، والموردين، والعملاء، والمستهلكين. وكذلك التعرف على ردود الفعل التنافسية التي اتخذتها المتاجر الوطنية في مواجهة المنافسة الشرسة المتواصلة المترتبة على استمرار دخول متاجر السوبر ماركت العالمية والإقليمية للسوق المصرية باعتبارها سوقا واعدة. وفي هذا السياق فإن الدلائل تشير إلى أن السوق المصري كما يبدو لايزال جاذبا لعمالقة متاجر السوبر ماركت العالمية والإقليمية بما يملكه من قوة شرائية هي الأكبر في المنطقة العربية بلا منازع. )بيتر بروير، وآخرون،2017) وسيكون منهجنا في ذلك هو رصد ومتابعة الواقع ومحاولة استقرائه مما هو متاح لنا من معلومات وما نلاحظه على أرض الواقع، اعتمادا على حقائق الواقع وحركته، بما لدينا من خبرة ممتدة، واستكمالا لدراستنا الرائدة في ذلك عن تجربة دخول متجر سينسبري في بداية القرن.(الماضي ، 2000 ) وسنحاول أولا التعرف على التطور التاريخي بإيجاز لهذه الصناعة في ضوء تطور المناخ الاقتصادي والسياسي والتشريعي، ثم نعرج بإيجاز على تقييم تجربة سينسبري 2000، وآثارها على هيكل الصناعة حينئذ، ثم محاولة الإجابة على التساؤل الأهم حول أسباب فشله بشكل سريع وقد يبدو مفاجئا؟ وبعدها ننتقل إلى رصد أهم التطورات التي حدثت في هذه الصناعة حتى الآن سواء من جانب المتاجر العالمية والإقليمية، أو من جانب المتاجر المحلية نفسها. وأخيرا محاولة لاستشراف المستقبل في ظل تنامي المنافسة من قبل المتاجر العالمية وتوالي دخولها وزيادة اهتمامها بالسوق المصري.
أولا : نظرة تاريخية: ولتحقيق المزيد من الفهم والوقوف على تطور الظروف المحيطة لهذه الصناعة حتى هذه اللحظة تقريبا، علينا أن نلقي الضوء بإيجاز شديد على التطور التاريخي لها على مدى ما يزيد عن نصف قرن تقريبا. في ضوء التتبع التاريخي لمجريات الأمور للتطور السياسي والاقتصادي في مصر يمكن التعرف على المراحل التالية التي تميز طبيعة هذا التطور، وتوضح المناخ السائد في كل مرحلة، وتفسر بعض ما يمكن أن يوضح أشكال المنشآت القائمة ومدى قوتها أو ضعفها التنافسي. ويمكن تقسيمها من وجهة نظري لهذه المراحل: 1. مرحلة ما قبل الثورة حتى إصدار قوانين يوليو الاشتراكية. 2. مرحلة التدخل التام للدولة، وانعدام المنافسة لمشآتها، سواء داخليا أو خارجيا. 3. مرحلة بداية الانفتاح عقب مفاوضات السلام 1977والسماح لمنافسة القطاع الخاص الداخلي، والخارجي بقيود وشروط. 4. مرحلة بداية دخول المتاجر العملاقة (سينسبري 2000 وما بعدها). 5. مرحلة ما بعد فشل سينسبري وانسحابه الكامل من السوق المصرية، وردود الأفعال الداخلية. 6. مرحلة التدفق الكبير لدخول متاجر السوبر ماركت الإقليمية والعالمية، حتى 2017 7. مرحلة اللولو الهندي وتوقعات بعودة المنافسة الهجومية الشرسة. المرحلة الأولى: ما قبل ثورة يوليو 1952 حتى قوانين يوليو الاشتراكية: حاولت معرفة طبيعة التجارة الداخلية حينئذ وأهم المتاجر المسيطرة عليها وطبيعتها وجنسيتها وكانت المفاجأة لي شخصيا، أنها كانت بالكامل تقريبا غير مصرية، وحتى نوضح الصورة سوف نذكر بعضها موضحا به المعلومات الدالة كما يبينها (جدول ،1) والذي تم الحصول عليها من الموسوعة (الوكبيديا)، والذي يبين الآتي: جدول (1) نبذة تاريخية عن أهم المتاجر التي سيطرت على التجارة الداخلية حتى بدايات التمصير والتأميم
المصدر : https://ar.wikipedia.org 1. أن جميع هذه المتاجر تقريبا وعددها هنا 22 متجرا أنشأها أجانب من جنسيات مختلفة، معظمهم يهود فرنسيين وإيطاليين وألمان. 2. أن مصر كانت تمثل مطمعا وهدفا منذ القدم يغري الأجانب للاستثمار فيها وخاصة في مجال التجارة الداخلية تحديدا. 3. أول متجر تم إنشاؤه حسب التواريخ المدرجة في جدول (1) عاليه هو متجر عمر أفندي، (حيث تأسست محلات عمر أفندي عام 1856 على يد عائلة أودلف أوروزدي في عهد الخديوى سعيد باشا تحت اسم أوروزدى باك. بدأت أول فروعها في شارع عبد العزيز بالقاهرة لتلبية احتياجات العملاء من المصريين والأجانب. وصممه المعماري راؤول براندن على طراز الروكوكو عام (1905 - 1906) وهو مكون من ستة طوابق. لمع صيت الشركة كواحدة من أعرق وأشهر السلاسل التجارية في العالم بعد أن اشتراها أحد أثرياء مصر اليهود عام 1921 وأطلق عليها عمر أفندي، حتى قام الرئيس جمال عبد الناصر بتأميمها عام1957. شهد عام 1967 تحويل شركة عمر أفندي بموجب القرار الجمهوري رقم 544 لسنة 1967 إلى شركة مساهمة مصرية تتبع الشركة القابضة للتجارة. ثم بيعت الشركة عام 2005 لشركة أنوال السعودية. ثم أعيدت إلى ملكية الدولة مرة أخرى عام 2011 وأصبحت تتبع الشركة القومية للتشييد والتعمير إحدى شركات وزارة قطاع الأعمال العام . 4. وكان آخرها إنشاءً في 1950 وهما بنزايون، وعدس، حيث أسسا منفصلين في 1950م. 5. الشركة المصرية الوحيدة التي دخلت السوق المصرية أنشئت عام 1932 أي بعد دخول أول شركة أجنبية بحوالي 100 عام، أنشأها طلعت حرب باشا وأسماها شركة بيع المصنوعات المصرية، وذلك ضمن استراتيجيته الرائدة ورؤيته الاستراتيجية المتميزة بمواجهة موجة سيطرة الشركات الأجنبية على الاقتصاد المصري حينئذ؛ حيث أسس مجموعة متكاملة من الشركات المصرية الخالصة التي يساهم فيها المصريون، شملت بنك مصر، ومصر المحلة للغزل والنسيج، ومصر للبترول، واستوديو مصر، وغيرها من الشركات المتكاملة للمنافسة الفعالة لمواجهة الشركات الأجنبية، في ظل اقتصاد يقوم بالكامل على حرية المنافسة في سوق مفتوحة بلا قيود. 6. نلاحظ أيضا مدى استهداف هؤلاء الأجانب وخاصة من اليهود السيطرة على مقاليد التجارة الداخلية التي تمكنهم تلقائيا من التحكم في الأسواق، ومن ثم التحكم التدريجي بعد ذلك في الشركات المنتجة الموردة لتصبح تحت رحمتها، مع إمكان تحقيق المزيد من السيطرة من خلال اتباع استراتيجيتي التكامل الأفقي والتكامل الرأسي للخلف. 7. ولذلك كانت مبادرة طلعت حرب باشا في هذا الوقت معبرة عن ريادة حقيقية ووطنية صادقة ومخلصة، ورؤية ثاقبة، وإمكانات إدارية واستراتيجية متميزة لهذا الرجل الفذ، قل أن نرى مثلها بعد ذلك للأسف الشديد. 8. جميع هذه المتاجر تم تمصيرها أو تأميمها أو الاثنين معا بعد ذلك، وآلت ملكيتها بالكامل للدولة بما فيها شركات طلعت حرب باشا، ومنها شركة بيع المصنوعات المصرية، وهو ما يمكن اعتباره بداية الدخول في مرحلة جديدة ومختلفة نتكلم عنها فيما بعد. |
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
جميع الحقوق محفوظة |